الدولة (فلسفة القوّة الذاتيّة ونشأة النظام السياسي)، (مجديات أخي الحبيب الراحل المقدم مجدي صقر، رحمه الله، وطيب ثراه)!

الحمد لله رب العالمين!

كما هو معلوم أنّ الحضارة -والتي من أبرز مظاهرها الدولة- هي نتاج تفاعل جاد وناجح قام به الإنسان العاقل الباحث المفكّر بي نفسه والبيئة المحيطة به. ولكي تنشأ الدولة وتبقى تلزمها قوة ذاتيّة كبيرة. يختلف الشرق عن الغرب في أصل ومنشأ القوّة المؤسسة التي تلزم لنشأة الدولة والحفاظ عليها واستمرارها؛ ففي العالم الشرقي تنبع وتنشأ وتتكوّن قوّة الفرد ابتداء ماديّة ومعنويّة، من قوّة المجتمع التعاونيّة والاشتراكيّة. وقوّة المجتمع جماعات وتنظيمات وقبائل وعائلات، تنبع من قوّة الدولة، وقوّة الدولة وشرعيّتها تنبع من إيمانها بالقوّة العليا والنور الأسمى؛ لذا كانت الدولة ككيان ونظام أهم وأقوى من الجماعة، والجماعة تسيطر على الفرد، وكان الدّين هو القاعدة والأساس والشرعيّة لتكوين الدولة وتنظيم المجتمع، وتعدّ القيم الأخلاقيّة العليا وتعظيمها أهم من مصلحة الدولة المباشرة، كما أنّ الثروة في الدول الشرقيّة هي في العادة ثروات سياديّة، بمعنى أنّه لا يمكن أن يملكها الأفراد، كآبار البترول والمناجم وتحصيل الضرائب والماء والمصانع الكثيفة العمالة والمشاريع الكبرى. إن الدولة الشرقيّة تعدّ ماليّا وإداريّا أقوى من الأفراد والجماعات، وهي فقط من يملك القوّة العسكريّة، لأنّه لم يكن ثمّة تهديد كبير على الفرد في المجتمعات المترابطة اجتماعيّا يجبره على تطوير منظومته الأمنيّة، بل التهديد الخارجي على الدولة هو فقط ما كان يستلزم أخذ الحيطة والحذر؛ لذا لم توجد قلاع أو حصون ملكا لأفراد أو جماعات، حتى الابتكارات والاختراعات والأفكار التنمويّة الشاملة تنشأ وتنمو في عقل المراكز البحثيّة المركزيّة السياديّة، ويمكن أن توجد بشكل محدود ونادر جدا لدى بعض الأفراد؛ لذا فإن الشكل الهرمي هو المعتمد في تنظيم الدولة. وتعدّ الدولة هي أساس البقاء والقوّة في عقل وضمير المواطن الشرقي، مما أدى إلى:
1) تفاني الفرد في خدمة الدولة ماليّا وحربيّا.
2) تعظيم الحكم الهرمي.
3) تبنّي الدولة للفرد وتلبية احتياجاته الأساسيّة.
أمّا في العالم الغربي عموما وأوروبا تحديدا، فإن قوّة الدولة تنبع من قوّة المجتمع جماعات وتنظيمات وأحزابًا، وقوّة المجتمع تنبع من قوّة الفرد، وقوّة الفرد تنبع من قوّته الشخصيّة الذاتيّة ماديّة ومعنويّة؛ لذا فإن الفرد حريص على امتلاك القوّة المادية بكل أشكالها ماليّة وحربيّة دون دعم من الدولة. أمّا القوّة المعنويّة فتنشأ من إحساسه بنفسه، الذي يتطوّر لديه عادة ليكوّن الشعور بالتفوّق العنصري.
توضيح ذلك أنه كانت أوروبا القديمة عبارة عن سهول وجبال خصبة، وكانت الأمطار والثلوج تهطل عليها بشكل عادل تقريبا، وكان الفرد في أوروبا القديمة عادة ما يعمل بالرعي والتجارة ثم تطوّر إلى الصناعة على المستوى الفردي أو الجماعي، وكانت التهديدات الأمنيّة التي يتعرض لها تلزمه بأخذ الحيطة والحذر لأن الدولة لم تكن تشغل بالها به كثيرا. لقد كان الفرد مستقلا ماليّا وأمنيّا تقريبا عن الدولة، وكثيرا ما نجد قلاعا وحصونا في أوروبا القديمة ملك أفراد أو جماعات؛ فالفرد في المجتمع الغربي إذن أقوى من الجماعة، والجماعة أهم من الدولة، ومصالح الدولة أعلى وأهم من مصالح المجتمع الإنساني كلّه، وأعلى وأهم من كل القيم الأخلاقيّة؛ فالهرم المقلوب إذن هو شكل تنظيم القوّة في الدولة الغربيّة، والفرد هو أساس القوّة والبقاء؛ ولذلك:
1) تسعى الدولة بشتّى الوسائل والطرق لإرضاء الفرد، وتتملقه، وذلك
بإشباع نهمه وشهوته ونزواته ورفع روحه المعنويّة بالمهرجانات والموالد والاحتفالات دون أي حدود قيميّة أو أخلاقيّة.
2) وكانت الديمقراطيّة؛ لقد كان في أوروبا أوّل نظام جمهوري انتخابي أو شبه انتخابي (انتخاب الصفوة، أو الصفوة الناخبة).
نتج عن هذا الاختلاف العميق في مصدر ومنشأ القوّه المؤسسة بين كل من الدولة الشرقيّة والغربيّة، اختلاف في هيكل الحكم والنمط السياسي، ولا يعني ذلك أبدا بأي منطق تفوّق أحد النظامين على الآخر؛ فالمنطق السليم يؤكد أن لكل نظام مميزاته وعيوبه التي تكاد تتساوي؛ لذا فإن انتقال نمط ونظام الحكم وأسلوب العمل السياسي من الغرب إلى الشرق أو العكس، لا يعني بالضرورة تحقق النجاحات التي يمكن أن يحققها نفس النمط في موطنه الأصلي، والأدلة على ذلك تَفوق الحصر.
تعاني المجتمعات والدول العربيّة الشرقيّة والإفريقيّة نتيجة لعصر طويل من الاحتلال الأوروبّي، من تغلل الثقافة الغربيّة على حساب الثقافة الوطنيّة، مما أدّى تبعًا إلى تأخّر النمو الثقافي والفكري الوطني اللاّزم لمواكبة العصر الحديث، مع وجود الكثير من الرموز الموالية للثقافة الغربية، متغلغلين في الوسط السياسي والثقافي؛ فلم تتمكن المجتمعات الشرقيّة والإفريقيّة من ابتكار وتطوير نظمها السياسيّة وهيكل الحكم المناسب لها بديلا عن الاستيراد غير الواعي ولا الرشيد لنظم الحكم والمناهج الفكريّة السياسيّة الغربيّة. ولأنّهم (المثقّفين العرب) في أغلبهم أي لا يعرفون غيرها ولا يؤمنون إلا بها، سيعملون جاهدين على تدمير أي فكرة جديدة تعمل على تطوير الواقع العربي، ولا يستبعد أن يكونوا أيادي فاعلة وضمائر مخلصة لخدمة الاحتلال القديم والحديث والمتجدد!
في مصر استطاع الاحتلال الانجليزي الذي استمر مدة طويلة، تدمير الهويّة الوطنيّة عن طريق التعليم، كما نجح في إنشاء طبقة سياسيّة موالية له، تمثلت في التيّار اللّيبرالي العلماني وعلى رأسه حزب الوفد والتيار الإسلامي وعلى رأسه تنظيم الإخوان المسلمين، كما استطاعت المخابرات الأمريكية تبني كلا التيّارين بعد أفول النجم الإنجليزي! وفي العهد الناصري نشأ التيّار اليساري الاشتراكي، وفي عهد مبارك ظهر التيار الاسلامي السلفي الموالي للنظام السعودي، وكل هذه التيارات لا يعنيها الصالح الوطني في قليل أو كثير، فاهتمامها وحرصها إنما هما على مصالحها التنظيميّة واستمرار التأييد والدعم الخارجي لها، لأنها أفكار مستوردة وكيانات مزروعة في جسد الوطن وليست منه! إنّ كل هذه الأفكار والتوجهّات السياسيّة متعارضة ومتضاربة فضلا عن كونها غير وطنيّة، ولا توجد نقطة اتفاق واحدة تجمع بينها، ويسعى كل منها إلى إفناء الآخر؛ لذلك يمكننا أن ندّعي أن النخبة السياسيّة والثقافيّة لم تنشأ لتنجح مصر في شيء، إنها نخبة معطّلة، ولا تعرف غير ذلك؛ فمن ثم يجب على صانع القرار أن يبدأ من الصفر دون اعتماد على رماد عصر الاحتلال الذي ما زال يلهبنا بناره!
أما الدولة الغربيّة الأوروبيّة فلم تعان من الاحتلال الذي يؤثّر عادة في الفكر الوطني والتوجّه السياسي، ونتيجة للحروب الأهليّة بها استطاعت أن توحّد الفكر والتوجّه السياسي لديها دون تأثير أو ضغط خارجي؛ فقُضِي على سلطة الكنيسة، ثم على الفاشيّة العنصريّة، ثم على التوجّه الشيوعي، وأخيرا حورب الإسلام؛ وذلك كلّه لتبقى الدولة الغربيّة أحاديّة المنهج مترابطة فيما بينها. وبرغم ذلك تباينت الدول الغربيّة في نظمها السياسيّة طبقا لما اهتدى إليه مثقّفو كل إقليم ومفكروه من نظام لسياسي مناسب؛ فكانت النظم الملكيّة الدستوريّة أو البرلمانيّة أو الجمهوريّة أو الجمهوريّة البرلمانيّة.
مشكلتنا نحن شعوب دولة الإسلام عامة ومصر والعرب خاصة، أننا تحكمنا عقول ملوثّة! مشكلتنا أنّ الطبيب لا يعرف المرض الذي يفتك بالمريض، فضلا عن كونه لا يستطيع أن يصف الدواء! إنّ المثقّف العربي الحديث
متنطّع لا يريد أن يرهق نفسه في التفكير والابتكار من أجل بلاده؛ فغاية همّه وجل اهتمامه نقل التلوث الثقافي والعبث الفلسفي والنظم الإداريّة والسياسيّة التي تعلمها من الثقافة الأوروبيّة إلينا، ليدمّر ما تبقّى من الثقافة العربيّة الإسلاميّة كما تدمّرت الدول العربيّة والإسلاميّة نفسها على يد الأوروبيّين من قبل. لقد أصبحنا مسوخا، قلوبنا شرقيّة، وعقولنا غربيّة، وضمائرنا متأرجحة بين هذا وذاك؛ لذا يجب على المفكّر الوطني والمثقّف العربي المخلص لوطنه وتاريخه وثقافته، أن يسرع الخطا في ابتكار نظم حكم ووسائل سياسيّة وإداريّة تناسب مجتمعاتنا، دون انسحاق للفكر الأوروبّي مهما تكلف هذا من وقت و جهد ومال. وأكاد أجزم أن الغرب لن يدعنا ننجح لأننا بالنسبة له قضيّة بقاء! لقد أرهقنا المثقفون بالكلام عن الديمقراطيّة، وقد وصفها بعضهم بأنّها الحل الناجع الوحيد لكل مشكلات الأمّة العربية والإسلاميّة حتى الإفريقيّة، لكن مع الأسف الشديد لم يستطيعوا تعليمنا ما الديمقراطيّة؟ وما معناها؟ وما مقتضيات العمل بها؟ وكيف يكون نموذجها الأمثل ونمطها الأفضل؟ وأين يكون؟
ربما قصد المثقف العربي بالديمقراطيّة أنّها:
1) حكم الشعب نفسه بنفسه، و تداول السلطة بين الأكفاء.
2) الحريّة في انتهاج السلوك الأخلاقي الملائم لكل فرد علي حدة.
3) السوق المفتوحة وحريّة التجارة.
4) حق إنشاء الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني.
5) حريّه الرأي والتعبير والانتقاد.
6) الشفافيّة ومحاربة الفساد.
7) الفصل بين السلطات.
8) الشورى قبل اتخاذ القرار، والمجالس النيابية (البرلمانات).
ولا ريب في الدكتاتوريّة في نظره على عكس ذلك:
1) الاستبداد واحتكار السلطة واتخاذ القرار بين زمرة أو فئة قليلة بل لفرد واحد ثم يرث السلطة من بعده ابنه أو أخوه.
2) الاقتصاد الموجه والسوق المغلقة.
3) الحزب الواحد.
4) قمع الحريات في التعبير والنقد والتغيير، وإجبار الشعب على انتهاج نمط واحد من الفكر والسلوك.
لكن أثبت الواقع أن المجتمعات الغربيّة التي تسمي نفسها ديمقراطيّة، تعتمد في بقائها واستمرارها على المنهج الديكتاتوري القمعي، وذلك كما يلي:
1) فيما يخص العمليّة الانتخابيّة التي هي أعظم ما في جعبة المثقف الغربي، نجد:
– الاعتماد على الرُّشا الانتخابيّة والتزوير المباشر وغير المباشر.
– الاعتماد على الدعاية الانتخابية المضللة، وكذلك الإنفاق الهائل لاستغلال جهل الناس العاديين، مما يؤدي بالضرورة إلى وصول أشخاص فاسدين غير صالحين إلى سدّة الحكم.
– في العادة نجد أن نسبة لا تقل عن 60 % من الكتلة الناخبة تتخلف عن التصويت، مما يفقد الانتخابات شرعيّتها، ويجعلها لا تعبر بدقّة عن إرادة الشعب.
– عدم وجود معايير عادلة وعالية الدقة لمن يرشّح للمنصب القيادي، مما يسهّل المهمة أمام أصحاب المصالح.
– وجود التوريث السياسي أو ما يسمّى بالعائلات السياسيّة، وهي مجموعة قليلة من العائلات استطاعت أن تكوّن ثروات طائلة، ومن خلال هذه الثروة استطاعت أن تستحوذ على السلطة وتتداولها فيما بينها بما يخدم مصالحها؛ فالثروة تصنع السلطة، ثم السلطة بدورها ترد الجميل وتزيد الأثرياء ثراء.
2) فيما يخص الحريّة، نجد أنها هي فقط ما تسمح به السلطة في الدولة الغربيّة (الديمقراطية)، ومن يخالفها يُقمع بكل السبل، كما تُوجه الآلة الإعلاميّة لمهاجمته، وتُسن القوانين لحظر أي فكر جديد معارض للديمقراطيّة! يظهر هذا في محاربة المسيحيّة ثم الشيوعيّة والإسلام. الفكر الحر الديمقراطي فقط، هو ما يسمح به الغرب الحر الديمقراطي!
3) النمط الغربي عموما لا يحترم الفقراء ولا يهتم بتوفير الاحتياجات الأساسيّة لهم من تعليم وعلاج وغذاء.
4) في الدول الفقيرة التي ما زالت تحت الاحتلال المباشر أو غير المباشر، جميع منظمات المجتمع المدني و الأحزاب التي تمول من الخارج، هي بالتأكيد مراكز جاسوسيّة مرخصة ومعتمدة ولا تخضع للمساءلة القانونيّة، كما أن الفرد المنتمي إلى تنظيم أو حزب أو جماعة يعمل بإخلاص لصالح حزبه أو تنظيمه أو جماعته على حساب الصالح الوطني.
5) الواضح في الحياة السياسيّة الغربيّة أنها تعتمد على الحزب الواحد والفكر الواحد، وإن كانت تبدو أفكارًا متنوعة وأحزابًا متعددة. والعجيب أننا نجد الآن لدى بعض الأقاليم والأجناس من شعوب المجتمع الغربي الحر الديمقراطي، رغبة ملحّة في الانفصال عن الدولة الأم، ترجع إلى غريزتها القبليّة!
6) إن فشل النظام الاشتراكي يرجع بالأساس إلى فشله الاقتصادي، لا فشل الفكرة نفسها.
7) أخطاء الاشتراكيّة الكثيرة يمكن معالجتها، مما يجعلها أفضل من غيرها. أخطاء الاشتراكيّة هي في التطبيق أكثر منها في الفكرة نفسها.
إذا أردنا الإصلاح فيجب علينا تهذيب الليبراليّة لتكون أكثر اشتراكيّة، وتطوير الاشتراكيّة لتكون أكثر ليبراليّة. إن عمليّة الإصلاح والتطوير عمليّة دائمة دائبة مستمرّة، لأن الإنسان نادرا ما يصنع شيئا كاملا، كذا فإن تغيّر الظروف والأحوال التي تطرأ على الإنسان والدول تجبره على أن يراجع خياراته كل مدة قصيرة من الزمن، وهذا الأمر لا يعيبه في شيء. إذا كان المفكّر العربي يريد صالح بلاده يجب عليه أن يعمل عقله في ابتكار نمط ومنهج ونظام سياسي جديد. ومبدئيّا يمكننا أن نسميّه الحكم الرشيد، الذي هو مزيج بين الفكر الاشتراكي والليبرالي، مع مراعاة ميول كل شعب النفسيّة، بما يحقق الآتي:
1) احترام طبائع الناس وما يمكنهم قبوله من أنظمة الحكم؛ فمن الشعوب ما يلائمه النظام القبلي أو الملكي أو العسكري الصارم أو الليبرالي؛ فقد وجد أنه من أهم العوامل التي أدت إلى انهيار إفريقيا وغرق شعوبها في بحر من الدماء، أنها اعتمدت النظم السياسيّة الغربية الجمهوريّة رئاسية أو برلمانيّة وعامة الشعب تقدس القبيلة وتجعل سلطتها فوق سلطة الدولة! ثم إنّ الشعب العربي والإفريقي غير مستجيب للنمط الغربي في الحكم، لأنّه لم يمر بالتجارب التي مر بها المواطن الغربي؛ لذلك لم يتقبل نمط السلطة في بلاده، وسيعيش في صراع دائم.
2) محاربة الفساد؛ فلا يستطيع أحد أن ينكر أن أهم أسباب التخلف والرجعيّة والجمود في كل دول الاسلام وإفريقيا، هو الفساد وعدم المحاسبة الرادعة للمفسدين، والذي يرجع سببه إلى:
– الخلل في القوانين التي تشجّع الفساد.
– عدم كفاية الأجهزة الرقابيّة أو تواطؤها للمفسدين.
– البطء في تطبيق الأحكام القضائيّة.
والعجيب أنّه فور توفر النهج الرادع في محاربة الفساد تتقدم الدولة تقدما سريعا قويا لافتا للنظر.
3) وضع معايير دقيقة للمتقدمين لتولي المناصب القياديّة، من العلم والخبرة والتجربة والثقة. ويمكننا ابتكار نظام مختلط بين الانتخاب والخبرة والكفاية، لنضمن تداول السلطة بين الأكفاء.
4) اعتماد النظام المختلط بين انفتاح السوق وبين الاقتصاد الموجّه. و هو السوق المفتوحة تماما، كما في الفكر الاقتصادي الغربي، لكن مع امتلاك الدولة طاقة إنتاجيّة وتسويقية تعادل ما من 25 % إلى 50 % من الحجم الكلّي للسوق، تضمن به انضباط السوق وحماية الطبقة الفقيرة.
ولتكن الخطوة الأولى لتحقيق ذلك هي إنشاء مركز موحّد لإعداد القادة السياسييّن والإداريين والتنفيذييّن:
1) يكون لهذا المركز السياسي والمعهد العلمي أو الجامعة الإداريّة، فروع في كل المحافظات (الجامعة المصريّة للعلوم السياسيّة والإداريّة).
2) يجب أن يقدّم هذا المركز دورات تدريبيّة متعددة ومتنوّعة ومتدرّجة طبقا للطموح السياسي والتنفيذي للفرد، في كل التخصصات السياسيّة والإداريّة والتنظيميّة والإعلاميّة والمعلوماتيّة.
وعلى المستويات العليا تتكوّن داخل هذه الجامعة معاهد بحثيّة أكثر تخصّصا تمنح درجتي الماجستير والدكتوراة.
3) يكون هذا المركز مستقلا في إدارته عن الدولة.
4) وكل متخرج بدوراته التي يعقدها يعدّ بالتبعيّة عضوا فيه.
5) من كل الأعضاء يتكون الهيكل التنظيمي للمركز.
6) لا يمكن لأي عضو أن يتقدم لشغل درجة معينة من العمل السياسي أو الإداري أو التنفيذي إلا بعد الحصول على الدورة التدريبيّة المناسبة، وأن يكون قد تحصّل على الخبرة اللازمة للموقع الذي يتقدم له.
لابد للمتقدم لعضوية مجلس الشعب مثلا :
– أن يكون أولا شغل بكفاية موقع عضو في المجالس المحليّة.
– أن يكون حصل على دورة سياسية تؤهله للالتحاق بالبرلمان.
– أن يكون لديه الثقافة والتأهيل التعليمي والخبرة اللازمة للالتحاق بأي لجنة من لجانه.
الخطوة الثانيّة أنه يمكننا تبني النظام الانتخابي المتدرج، وفيه ينتخب الشعب أعضاء المجالس الشعبيّة المحليّة، ثم ينتخب أعضاء المجالس المحليّة أعضاء مجلس النوّاب، ثم ينتخب النواب رئيس الجمهوريّة ويصدقون على برنامج عمل الحكومة.
و الله أعلم، حفظ الله مصر والمصريين!

Related posts

Leave a Comment